كشفت المنظمة الخليجية للبحث والتطوير “جورد"، ومقرها واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، النقاب عن أحدث تقرير أعدته بالتعاون مع اللجنة العليا للمشاريع والإرث، ويتناول وسائل التحكم بالغبار الناتج عن أعمال الحفر والبناء في مشاريع استادات مونديال قطر 2022.

وفي إطار استراتيجيتها للاستدامة؛ التزمت اللجنة العليا بتنفيذ برنامج “جي ساس" لإدارة التشييد الذي يراعي الحفاظ على البيئة، ويهدف إلى تحسين الأداء البيئي خلال مراحل البناء. ويشكّل التحكم في الغبار والأتربة أحد أهم جوانب هذا البرنامج، حيث تنفذ جميع استادات المونديال الثمانية ومقر اللجنة العليا هذه المعايير، وقد حصلت غالبية هذه المنشآت على تصنيف مرموق في ممارسات التحكم في الغبار ضمن معايير “جي ساس" في هذا المجال.

ويعد التحكم في الغبار أحد الأنشطة الرئيسية التي درسها خبراء الاستدامة في “جورد". حيث يستند أداء المشروع الى 25 معياراً ضمن 8 فئات تغطي جوانب من الحفاظ على البيئة وتخفيف التلوث إلى أمن العمال وسلامتهم في الموقع، ويشهد مدققو برنامج “جي ساس" لإدارة التشييد ممارسات البناء في الموقع لتحديد مدى تحقيق الاستدامة في بناء استادات المونديال، مع كون إدارة الغبار جزءاً لا يتجزأ من الأداء البيئي لتشييد الاستادات.

وفي هذا السياق، قال الدكتور يوسف بن محمد الحر، رئيس مجلس إدارة المنظمة الخليجية للبحث والتطوير: “في ضوء مواصلة قطر مشاريعها للتطوير العمراني؛ رأينا أن هناك مجموعة من المشكلات البيئية الناجمة عن مرحلة البناء ينبغي التعامل معها، ولتحقيق هذا الهدف نجحت “جورد" في إعداد برنامج “جي ساس" لإدارة التشييد، والذي يتناول عمليات وممارسات الإنشاء التي يقوم بها المقاولون وغيرهم في مواقع البناء. ومن أجل الحد من تلوث الهواء الناتج عن الغبار المتصاعد من أعمال الإنشاءات؛ يضع هذا البرنامج طرقاً لمراقبة هذه المشكلات والحد من أثرها. وقد جرى اتباع هذه الممارسات في مواقع بناء استادات المونديال وفي العديد من مواقع الإنشاءات في كافة أنحاء قطر."

وفي ضوء ما تشكّله إدارة الغبار من جانب أساسي في الأداء البيئي لأعمال البناء في الاستادات؛ تهدف جميع استادات البطولة الثمانية للحصول على التصنيفات الأعلى في مجال الاستدامة وفق معايير “جي ساس"، وفي هذا السياق قالت المهندسة بدور المير، مدير أول الاستدامة والبيئة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث: “تعتبر الاستادات بمثابة الجوهر في أي بطولة يتم تنظيمها في كرة القدم، ولأجل ذلك شيّدنا استاداتنا لمونديال كأس العالم 2022 في قطر وفق منظومة استدامة طويلة الأمد وإدارة بيئية متكاملة، وذلك لضمان الحصول على نتائج استدامة ملموسة وموثوقة، ولتحقيق هذا الهدف، تم تنفيذ كافة الاستادات وفق معايير المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة “جي ساس".

وأضافت المهندسة بدور المير: “كل من يشارك في إنشاء الاستاد يتفهم قيمة الاستدامة وأهمية الحفاظ على البيئة، فمن خلال العمل معاً، قمنا بإنشاء إرث تعليمي حقيقي لحماية البيئة والتنمية المستدامة في قطاعي التصميم والانشاء".

وأشارت المير إلى أن معايير “جي ساس" لإدارة التشييد، على وجه الخصوص، تتضمن بعض الاستراتيجيات للسيطرة على الغبار أثناء عمليات الانشاء، والتي تم اعتمادها من قبل اللجنة العليا بجميع الاستادات في قطر.

وكانت اللجنة العليا للمشاريع والإرث قد تعاونت مع المنظمة الخليجية للبحث والتطوير لإعداد تقرير فني حول أفضل ممارسات إدارة غبار الانشاءات من خلال دراسة حالة من مواقع استادات المونديال في قطر، حيث استعرض التقرير مجموعة واسعة من الإجراءات العملية لمكافحة الغبار التي يمكن احتوائها في مواقع البناء، من خلال اعتماد استراتيجيات التخفيف من الغبار، حيث يمكن للمشاريع تحسين أدائها البيئي بشكل فعال من خلال الحد من تلوث الهواء من أجل صحة وسلامة العمال، وكذلك الأحياء السكنية المجاورة.

وتضمّن التقرير معايير التحكم بالغبار الناشئ عن عمليات الانشاء، مثل: التحكم في الغبار الناتج عن الحفريات، حيث إن الطريقة الفعالة لمشاريع البناء في التخفيف من الغبار تشمل استخدام شبكة بلاستيكية خضراء لتغطية نواتج التربة والحفريات. وبالمثل، يمكن أيضًا تغطية الشاحنات والمركبات الأخرى التي تحمل مواد البناء بشبكة لمنع تشتت الغبار والجسيمات أثناء النقل، وبالنسبة للمخزونات طويلة الأجل، استخدمت بعض مواقع إنشاء الاستادات طبقة أكثر متانة وسماكة من القماش المشمع، وهي إجراءات بسيطة وأكثر فاعلية في حماية مواد البناء من حرارة الصيف الشديدة في البلاد.

إلى جانب ذلك؛ من بين معايير منع الغبار الناتج عن المركبات في الموقع استخدام كاسحات في طرق النقل المعبدة بالموقع والطرق العامة المجاورة، وتساعد هذه المعدات على إزالة التربة والطين من أسطح الطرق، ولمنع تشتيت الغبار الناتج عن حركة المركبات الثقيلة. وقد تقدم العمل في استادات المونديال خطوة أخرى إضافية للحفاظ على البيئة تمثلت في تركيب زلاجات للمركبات عند بوابات مواقع الانشاء، يمكنها غسل الطين بفاعلية من إطارات المركبات، لكن هذا يتطلب كميات كبيرة من الماء، وللحد من ذلك؛ جرى تصميم الزلاجات لإعادة تدوير المياه. وبالمثل، فإن تقليل المركبات التي تنقل التربة والمواد الأخرى تمثل تقنية أخرى للتحكم في الغبار يمكن اعتمادها عن طريق تقريب المسافة بين مخزونات مواد البناء ومناطق الردم.

وتعتمد معايير “جي ساس" لإدارة التشييد متطلبات أخرى لمنع الغبار، حيث أن جميع أنشطة البناء لا تنتج كمية متساوية من الغبار، حيث يُنتج البعض غباراً أكثر من البعض الآخر، ولهذا يُنصح باستخدام الحواجز حول المناطق التي بها أعمال غبار ثقيلة. فعلى سبيل المثال يمكن تركيب حواجز حول القواطع والكسارات، تساهم في الحد بشكل كبير من كمية الغبار في الهواء، نظراً لاستخدام الكسارات في بعض مواقع الاستادات في قطر، حيث يتم ترطيب المواد التي سيتم طحنها لتقليل تشتت الغبار، وبالمثل، يتم تغطية هذه الكسارات بشبكة وتستخدم بخاخات المياه للحد من تناثر الغبار، وعند التحكم في الجسيمات الناتجة عن المعدات كثيفة الغبار، يجب أيضاً مراعاة موقع الماكينة مع مراعاة اتجاه الرياح والمستقبلات المحتملة المجاورة.

وتشمل المعايير أيضاً التخفيف من الغبار الناتج عن أنشطة التحميل أو التفريغ، إذ يمكن التخفيف من الغبار المتطاير أثناء تحميل وتفريغ التربة والركام عن طريق رش الماء على مواد البناء، وفي بعض الاستادات يتم استخدام المدافع لرش المياه، على عكس الخراطيم شائعة الاستخدام، حيث تخلق هذه المدافع ضغطًا كافيًا بحيث لا تكون المواد مبللة فحسب، بل يتم أيضًا سحب أي غبار متصاعد في الهواء.

وفيما يتعلق بالغبار في المساحات الداخلية المغلقة؛ فقد يحمل تأثيرات ضارة على صحة الإنسان. ويجب ألا تؤثر أنشطة البناء، رغم أهميتها، على صحة وسلامة العمال داخل المنشأة. لذلك، فإن إدخال نظام إزالة الغبار الذي يرشح الملوثات من الهواء الداخلي إلى جانب التهوية الواسعة يمكن أن يساعد في تحقيق هذا الهدف، وحماية صحة وسلامة العمال في الداخل.

وتخصص “جي ساس" لإدارة التشييد معياراً هاماً لرصد الغبار، حيث تعد مراقبة مواقع المشروع لتركيز الجسيمات ذات الأحجام المختلفة طريقة أخرى تساعد في صياغة استراتيجيات فعالة للتحكم في الغبار، بالإضافة إلى ممارسات المراقبة القياسية التي يتم تنفيذها خلال فترات مختلفة من مراحل الانشاءات، فإن بعض مواقع الاستادات في قطر قد قطعت شوطاً إضافياً باستخدام أحدث المعدات التي تساعد على المراقبة المستمرة، وبالتالي وضع بيانات تفصيلية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لتحسين استراتيجيات رصد الغبار.

وإلى جانب تصميم وتطوير هذه التدابير المقررة لتحسين الأداء البيئي لأي مشروع خلال مرحلة الانشاء؛ إلا أن ضمان تنفيذها بشكل مرضٍ هو مفتاح الاستدامة الحقيقية، كما هو مستخدم في استادات مونديال قطر 2022، حيث توفر الشهادات مثل شهادة “جي ساس" لإدارة التشييد، إطار عمل محدد ومخصص لتقييم وتنفيذ الممارسات المستدامة أثناء عمليات الانشاء، حيث تشمل استدامة أداء البنية التحتية ومشاريع البناء خلال مراحل التطوير المختلفة، بدءًا من التصميم حتى الانشاء والعمليات التشغيلية على المدى الطويل.